السبت، 27 ديسمبر 2008

الحزن يا أمي ..


































كم أتمنى ان اكمل قراءة تلك اللوحة ..

منذ اليوم الذي علقت فيه في بيت خالتي قبل اكثر من 8 أشهر , وفي كل مرة أراها , أقرأ كلمه واحدة منها ثم أشيح بوجهي لأخفي انهمار الدموع ,,

تتوسطين تلك اللوحة وانت جالسه على الارض مصفقه , وتحوطك أبيات وخواطر من الشعر ,,


تقول أحد الأبيات ..


الحزن ..

أن تفارق ولا تفارق ..
فتصمت ويبقى صوتك في أذني ..
وتغيب وتبقى صورتك في عيني ..
وترحل وتبقى أنفاسك في قلبي ..
وتختفي ويبقى طيفك خلفي يمزقني ..


لا أستطيع ان اكملها .. فالحزن الذي ينبع من الكلمات أقسى من أن يحتمل ,, وهو لا يزيد الألم الا شدة ,, والجرح الا قسوة ,,

لا تفارقني احاديثك ولا كل ما كنتِ تقولين .. فكل شيء يمر في خاطري كشريط سينمائي قديم لا يزال يعمل في الذاكرة ,,

فمنذ أول صفعه تلقيتها من أبي ,, كنت انت رجائي وملاذي ,, فلا ازال اتذكر حضنك الدافئ وكيف أخذتني منه وانت تدعين عليه وتمسحين على خدي وتبكين ,, ولم يزل حنانك يرويني حتى عندما بلغت العشرين ,فسؤالك الدائم وحرصك في كل مرة ان تسأليني ان كنت مرتاحه نفسيا ومزجك كل سؤال بالدموع والغصه كان ملهمي للصبر أكثر .. وعزائي للعطاء والتحمل أكثر ..




لا تزال نظراتك وانت ترمقيني بها وتعليقاتك " جقه دختر فزول " عندما كنت اروي مغامراتك في الجمعية كلما ذهبنا , على العائلة ,, اتذكرها بالتفصيل ,,
فما ذنب بائعة السجائر عندما ضربت على طاولتها وقلت لها " ليش صاكه الدرب ؟ " .. تفجرني ضحكا هذه الحادثه ,, فلقد كنت اعلم ان اعتراضك ليس على وقوف البائعة , بل على ملابسها الفاضحه ومبيعاتها .


المواقف كثيره ولا أنسى شيئا بل اتذكرها على الدوام ,, يا جدتي العزيزة ,,,
لم اتخيل يوما ان افقدك او ان اكون بمثل هذه القسوة التي عليها الآن ..
اعذريني ,, ان كنت خلعت لبس السواد قبل اتمام السنة .. فلك العمر كله ان شئت ..
اعذريني ,, ان كنت ذهبت للمولد وضحكت هناك ,, لكن في القلب غصه كلما تذكرت كم كنت تحبين زيارة بيوت الجيران خاصه عندما يكون لديهم " مولود " كما كنت تسمينه " ..

اعذريني لكل تصرف تصرفته معك بقسوة .. كنت اغصب عندما تتأخرين في الخروج من المنزل وانا في السيارة انتظرك ,, كنت اتذمر عندما تتصلين بي وتطلبين مني أن آخذك الى الجمعية الى الطبيب الى المستوصف ..

اعذريني .. اعذريني .. على قسوتي وبعدي وعدم زيارتي لك الا بين فترة وأخرى ,, فقلبي أصبح من حجر ..


كلما عدت للوحة قرأت مقطعا ..
الحزن يا أمي ...

أن اجمع البقايا خلفك ..
وأن ارسم وجهك في سقف غرفتي ..
وأن احاورك كل ليله كالمجانين ..
وأن اشد الرحال اليك عند الحنين ..
وأن أعود الى سريري آخر الليل فأبكيك وأبكيك ..

خبأت كل ذكرياتك واحاديثنا السرية في ذاكرتي ,, ونحن في طريقنا الى الطبيب لآخر مرة قبل اسبوع من رحيلك .. تعجبت من نشاطك وحركتك السريعه ,, لم أعلنها يوما لأحد ,, لأمنياتك التي كنت تسردينها لي ,, واحلامك لي بالبيت الكبير والزوج الذي فصلته وزوجتيني أياه ,, عن شكله ووضعه ووو وحتى الهديه اخبرتني بمحتواها " سأشتري لك الجولة " ,, كنت اضحك واقول " خلاص بيبي محد يشتريلي الجوله غيرج " ..

لا تغيب ابدا عن بالي ذكرياتك ولا احاديث .. كم كنت استمتع وأسعد واصفق عندما تشتمين الرجال وتقولين " مردها كورٍ " = الرياييل عميان , كم كانت كلماتك مصدر ايناس وسعادة وراحه واستمتاع لي ..

لكني اليوم أصحو وأغفو على خيال رجوعك ,, وان كل ماحدث تلك الليله كان مجرد حلم , وانني سأمر على منزلك غدا وأقف عند الباب واضرب بوق السيارة , وستخرجين كعادتك وانت تقولين " دختر ساب بكون جي شود همش نيم ساعتن " = بابنت نطري شصار كلها تأخير نص ساعة !


ليتني انتظرك طول العمر عند ذلك الباب ..

وليتك تتصلين مرة اخرى وتطلبين أن آخذك الى أين تشائين .. لن اتذمر .. قسما .. لن أتذمر ..

فقط عودي الي ...

اعذريني لقسوتي مرة أخرى . فأنا من جهزت لك الكفن .. وانا من حملته طول الطريق ,ووضعته بين يدي ,, وانا من شهدت تغسيلك وتكفينك ودفنك ,, فهل وجدت شخصا أقسى قلبا مني ؟

أعود لتلك اللوحة مع كل عيد مر في هذه السنة .. الفطر , الاضحى , الغدير ..

الحزن يا أمي ..

أن يأتي العيد وأنا وحدي ..

وأن يأتي الربيع وأنا وحدي ..
وأن تهطل الامطار وأنا وحدي ..
وأن يطرق الحنين بابي وأنا وحدي ..
وأن يمضي بي العمر وأنا وحدي ..



فكل ما اقول واتذكر جنون في جنون .. من هول الصدمه لا أصدق انك رحلت ,, بل أقول ستعودين ,, أو أعود انا اليك ..

اشتاق اليك أكثر من أي وقت مضى ..
واعتب عليك لأنك هجرتني حتى في احلامي .. فقلد مر الشهر ولم أرك ولا مرة ! وكنت دائما ما تمرين علي كطيف من خيال عابر استيقظ على ذكراه مرتاعه ..
اشتاق اليك ...

في كل لحظة اشعر فيها بالوحدة أو الضيق او الألم اتذكرك ,, واعلم اني فقدت وجودك وحنانك الذي كان يحيطني .. ولكني لم افقد شيئا من كلماتك وذكرياتك ..

في مثل هذه الايام في كل سنة كان شغلك الشاغل التجهيز لشهر محرم ,, ومن فرط حبك لهذا الشهر رحلت فيه وباللون الاسود اتشحت على سيدي ومولاي الامام الحسين عليه السلام , حتى في المستشفى لم يرافقك سوى هذا اللون ,, فبأي حزن أستقبل هذه الايام ..


أسأل الله القدير ,, ان يأنس وحشتك .. بسيدتي ومولاتي زينب عليها السلام التي كنت تتفطرين حزنا وبكاءا وحبا لها ..

الحزن يا أمي ..

هو أن أخبأ عمري في قلبك ..

وأضع سعادتي في عينيك ..

ثم ألوح اليك مودعة .. لا حول لي ولا قوة !




الحزن يا أمي ..

هو أن تصبحي مع الأيام عيني التي أرى بهما ..

وهوائي الذي أتنفسه ..

ودمي الذي أعيش به ..

ثم أفتح عيني على غيابك ..

لا أستطيع حقيقه أن اكمل تلك اللوحة فلا زلت أتحاشاها ..



الحزن يا أمي ..

هو أن افتح عيني على غيابك ..
وأستيقظ على زلزال رحيلك ..


قال الامام علي عليه السلام :

"فقد الأحبه غربه "

هناك 5 تعليقات:

Safeed يقول...

عن أمير المؤمنين (ع) :
و ما الدهر و الأيام إلا كما ترى
رزية مالٍ ، أو فراق حبيبِ
و إن امرًا قد جرَّب الدهر ، لم يخف
تقلُّب حالَيْهِ ، لغير لبيبِ
.
.
عظم الله أجوركم .
الحزن على عكس كل شيء يبدأ كبيرا ، و ينتهي صغيرا .
.
.
- ملاحظة جانبية :
أرجو إزالة " تأكيد الكلمة " ، فهي تعيق التعقيبات .

B.A يقول...

اهلا وسهلا بكم اخي سفيد ,,

يسرني تواصلكم الدائم ,,

كما قلتم الحزن يبدأ كبيرا وينتهي صغيرا ,,



ملاحظة : كيف أزيل تأكيد الكلمه ؟

Safeed يقول...

لوحة التحكم => إعدادات => التعليقات => إظهار التحقق من الكلمات للتعليقات؟ => اختاري لا .

و بس .

ZooZ "3grbgr" يقول...

أقرحت قلبي
وأجريت دموعي
بوست حزين
يقطر أسى

رحمها الله
وأسكنها جنته
مع سيدة نساء أهل الجنة
وألهم قلوبكم صبرها

فصدقت مولاي
فقد الأحبة غربة

تقبلي مروري الأول
وأعدك
لن يكون الاخير

B.A يقول...

ارحب بك اختي زوز .. لمرورك الاول اللطيف على مدونتي , وتعليقك واهتمامك ..

ولا أراك الله مكروها بعزيز .. واعذريني ان كنت قد آلمتك ..

:) اهلا بك مرة اخرى :)